كتاب البناء العروضي للقصيدة العربية محمد حماسة عبد اللطيف PDF

هذه محاضرات تتناول البناء العروضى للقصيدة العربية؛ أقدمها لطلابي في كلية دار
العلوم بجامعة القاهرة؛ كما أقدمها لكل حبي فن العربية الأول : الشعر» والراغيين في
معرفة أسس بنائه .

والحق أن فن العروض علم قد يكون صعبًا على كثير من المبتدئين» لأنهم لم يتدربوا
عليه » ولم ييارسوه» ولم يوقفهم أحد من خلال قراءة الشعر على أصوله وقواعده؛ وهو
علم يحتاج إلى دربة ومرانة كثيرة متصلة» والعناية به تحتاج إلى تضافر علوم العربية
المختلفة التى تعين على ضبط النص الشعرى . وبين علم العروض وعلوم العربية
الأخرى من صرف ونحو وغيرهما ‏ تعاون متبادل وجدل حى فعال» ومن هنا كانت
إجادة العروض متضمنة لإجادة كثير من علوم العربية .

وقد ظل العروض العربي ميزانًا للشعر منذ وجد الشعر العربى» ومنذ استكشف
قواعد هذا العلم واستخلص قوانينه عالم العربية الفذ الخليل بن أحمد الذى عاش حتى
أوائل الربع الأخير من القرن الثاني المجري (ت تقريبًا 119 ه)

وقد كان علماء العربية يتعهدونه من حين إلى آخر شرخًا وبسًا لغوامضه؛ أو
اختصارًا ونظيًا لمسائله » أو تنبيهًا إلى أهميته والحاجة إليه . فبعد الخليل بن أحمد ألف فيه

الأحفش الأوسط (ت 1١9‏ ه) مستدركًا على الخليل » وبعده أبو العباس محمد بن يزيد
المبرد لات 1/800 ه) وابن كيسان (ت 7٠١‏ ه) وابن السراج ات 1713 ه) وابن عبد
ربه ات 778 ه) والزجاجي (ت 8 ه) والصاحب بن عباد ات 7/80 ه#) وأبو
الفتح بن جنى (ات 7 ه) والجوهرى (ت 108 ه تقريبًا) والخطيب التبريزى (ات
7 ه) وال زمخشري (ت 07/8 ه) وابن الحاجب (ت 1476 ه) والدماميني (ات
17 ه)ء وبين هؤلاء وبعدهم كثيرون .

وكان بعض القدماء يعد العروض مما اختصت به العرب. ومن هؤلاء ابن فارس
الذى يقول في كتابه «الصاحبى» : «ثم للعرب العروض التي هي ميزان الشعر» وبها
يعرف صحيحه من سقيمه . ومن عرف دقائقه وأسراره وخفاياه ‏ علم أنه يربى على
جميع ما يجح به هؤلاء الذين ينتحلون معرفة حقائق الأشياء من الأعداد والخطوط التى
لا أعرف لا فائدة». وكان ابن فارس قد ذهب من قبل إلى أن العرب كانوا في جاهليتهم
– قبل كشف الخليل ‏ يعرفون العروض بوصفه علما ضمن ما يعرفون من علوم فقال
(ص ١4 ١٠7‏ من الصاحبى) : «وأما العروض فمن الدليل على أنه كان متعارفا معلرما
اتفاق أهل العلم على أن المشركين لما سمعوا القرآن قالوا- أو من قال منهم ‏ إنه شعر
فقال الوليد بن المغيرة منكرًا عليهم : لقد عرضت ما يقرؤه محمد على أقراء الشعر؛ هزجه
ورجزه؛ وكذا وكذاء فلم أره يشبه شيئًا من ذلك». ويعقب ابن فارس مستتخًا:
«أفيقول الوليد هذا وهو لا يعرف بحور الشعر؟!.