الحمد لله رب العالمين الذي ألهمنا الكثير من التفكير والتمحيص في مجال الكومبيوتر من الوجهة التربوية عموماً والتعليمية بصفة خاصة. والصلاة والسلام على رسول الله للبشرية، ومعلم الإنسانية الخير، سيدنا محمد صلى الله عليه وسلَّم. هل من المعقول وجود شخص على المستوى العالمي المتقدم لا يدرك معني لفظ كومبيوتر Computer أو حتى يسمع عنه… أشك في مدى صدق هذه الحقيقة، هل هناك كثير من البشر لا يدركون هذا اللفظ في الدول غير المتقدمة ؟ أؤيد وجهة النظر هذه….. ومن هذا المنطلق كان لزاماً علينا وضع بعض الأفكار اليسيرة عن الكومبيوتر، ومعرفة ما يتعلق به من برمجيات، وانعكاس ذلك كله على المجال التربوي عموماً والعملية التعليمية بصفة خاصة.
لربما يستفيد به ومنه من يرتاد هذا المجال، وبالرغم من معارضة البعض لتقنيات التعليم الحديثة ووقوفهم بشراهة ضد كل ما هو حديث في مجال العملية التعليمية نظراً لاقتناعهم التام بالأساليب التقليدية التي كانت السبب في وصولهم لما هم فيه حالياً. إلا أن هذا السبب لن يثني عزم المناصرين للاتجاهات والتقنيات الفعَّالة في المضي قدماً نحو تفعيل دورها لتحقيق أهداف التعليم والتعلم. ويتصف العصر الحالي بأنه عصر التحديات العلمية، والتكنولوجية، والمعرفية، والمعلوماتية. إنه عصر العولمة، عصر الانفجار المعرفي، عصر المعلومات، كل هذه المسميات المختلفة لهذا العصر فرضت علي الإنسان بشكل أو بآخر أن يبحث عما هو حديث في كل شيء ليس في مجال المعدات أو الأجهزة أو الأدوات فقط، ولكن الحديث أيضاً عن الفكر و الإبداع، وإلا سيتخلف الإنسان عن ركب الحضارة الحديثة التي صنعها الأحفاد بأيديهم وعقولهم. وفي الوقت الذي نواجه فيه أمية القراءة والكتابة، تحتفل كل يوم دولة من دول العالم بمحو أمية أفرادها كمبيوترياً وكانت اليابان هي الرائدة في هذا المجال.
وفي مصر دائماً ما نشير إلى أننا أصحاب حضارة سبعة آلاف عام، وأن مصر أم الدنيا، ولكن ماذا قدمنا لمصرنا، بلد الحضارة ؟ لا شئ. إذا أردنا أن ننهض ببلدنا يجب أن ننهض بها في كل الميادين من زراعة وصناعة وتجارة وعلوم وآداب، وفنون، وثقافة، حتى نكون واجهة مشرفة لمصر في أي مكان في الأرض. بحيث لا نشير إلي أنفسنا، بل يشير إلينا الآخرين. يجب أن نكون مثقفين في كل المجالات، وأهمها مجال الكومبيوتر، لأنه لغة العصر. إن الكثير منا، لا يدرك معنى الكومبيوتر، ولو أدرك ماهيته فإنه لا يدرك فوائده، وما استخداماته. إن الأمية في مصر ليست أمية قراءة وكتابة ولكنها أمية فكرية وثقافية، والدليل علي ذلك أن كثيراً من المتعلمين لا يعرفوا أي شئ عن الكومبيوتر، وعن استخداماته بالرغم من كثرة أوقات الفراغ لدي الكثير منهم والذين ليس لديهم فكرة عن استغلال هذا الفراغ أمثل استغلال.
عزيزي القارئ هل أنت مثقف كمبيوترياً، و ماذا تعرف عن الكومبيوتر ؟ سؤالان بسيطان، يجب أن يسألهما كل شخص لنفسه إن أراد أن يدرك حجم ثقافته، ويسير علي الطريق الصحيح لتطوير ثقافته أو بنائها،حيث أن ثقافة الكومبيوتر جزء من تلك الثقافة العامة. ماذا تعرف عن ماهية الكومبيوتر، و مكوناته، وتطوره التاريخي، واستخداماته، وتطبيقاته واستخدامات تلك التطبيقات، ونظم البرمجة، وأساسيات التشغيل، وكيفية عمله وكيفية تفكيره. وإذا كنت تدرك الإجابة عن تلك الأسئلة تحدد مدى ثقافتك كمبيوترياً، أما عدم إدراكك للإجابة عنها، فأنت تفتقد لهذه الثقافة، ومن ثمَّ سنجعلك تجيب عنها من خلال فصول هذا الكتاب حتى تكون مثقف كمبيوترياً. وإذا أردت أن تكتسب تلك الثقافة أولاً ينبغي إزالة حاجز الرهبة بينك وبين هذا الدخيل المقتحم للحياة وذلك بالقراءة الكثيرة عنه، كأول خطوة علي طريق الثقافة الكومبيوترية قبل الشروع في العمل اليدوي علي لوحة المفاتيح أو العمل المهاري الذهني المتمثل في البرمجة من خلال الكومبيوتر.
ولذلك ندعوك عزيزي القارئ في هذا الكتاب من خلال فصوله المتنوعة إلي وجبة ثقافية دسمة مغذية للعقل، ومنشطة للفكر. وأنها ستكون البداية ولن تكون النهاية. ففي الكتاب التالي قد تجد هذه الوجبة متمثلة في مجموعة فصول تتضمن تثقيف عام عن الكومبيوتر، وكيفية حمايته من المضايقات البيئية، ولمحة مبسطة عن مجموعة الـ Microsoft Office والتي تتضمن الـ Word، وكيفية الاستفادة منه في كتابة تقارير الرسائل والبحوث، والـ Access للاستفادة منه في بناء قواعد البيانات، والـ Excel لتصميم الجداول الحسابية، وإجراء العمليات الإحصائية المتنوعة التي يتطلبها البحث العلمي، والـ PowerPoint والذي يختص بعرض الموضوعات بطريقة شيقة ويُستخدم لتصميم برامج تعليمية قد يتطلبها البحث المتعلق بأساليب التدريس، ونبذة مختصرة عن الفيروسات التي قد تنهش في أحشاء الكومبيوتر وكيفية الوقاية منها. لذلك جاء هذا الكتاب محاولة لتثقيف البعض عن الكومبيوتر وتطبيقاته المتنوعة بصفة عامة، وآثاره على التعليم والتعلم والمجالات التربوية المتنوعة بصفةٍ خاصة، إلى جانب التأثير المباشر للكومبيوتر وتطبيقاته المتباينة على البحث العلمي، ومدى استفادة الباحثين من هذه العلوم في تيسير سبل وإجراءات دراساتهم.
ومن ثمَّ أتى هذا الكتاب في ثمانية فصول رئيسة : ** جاء الفصل الأول كثقافة عامة عن الكومبيوتر من خلال عرض مبادئه وأسسه المتنوعة، وبعض أنظمة تشغيله. ** والفصل الثاني تناول تعليم برنامج معالجة النصوص كأحد الأساليب لتسجيل التقارير التعليمية المتنوعة عموماً،وتقرير البحث العلمي بسهولة ويسر. ** والفصل الثالث تناول تعليم برنامج الآكسس لبناء قواعد البيانات التي قد تُستخدم في العملية التعليمية، والتي قد يحتاجها البحث العلمي. ** أما الفصل الرابع فقد تناول تعليم برنامج الجداول الحسابية أو الإلكترونية إكسيل وكيفية الاستفادة منه في التعليم عموماً وفي البحث العلمي بصفة خاصة، إضافةً إلى إجراء المعالجات الإحصائية التي قد يحتاجها البحث العلمي وفقاً للدرجات الخام المتعلقة بمجموعات وعينات البحث.
** وجاء الفصل الخامس مؤكداً على كيفية بناء الوحدات الدراسية والبرامج التدريسية بطريقة جاذبة للانتباه من خلال تعليم برنامج البوربوينت. ** أما الفصل السادس عرض لجولة سريعة في إحدى لغات البرمجة عالية المستوى ( الفيجوال بيزك )، وتعليمها ** والفصل السابع تناول ببساطة فيروسات الكومبيوتر، تلك الجرسومة التي قد تدمر الأجهزة والبرامج، وكيفية الوقاية منها.
** وزُيَّل الكتاب بالفصل الثامن الذي تناول بطريقة مباشرة كيفية الاستفادة من الكومبيوتر وتطبيقاته في مجال البحث العلمي. وإني لأتقدم بعظيم شكري وامتناني لجميع المهتمين بتربويات الكومبيوتر وتطبيقاته المتنوعة في التعليم والتعلم، خاصة تعليم وتعلم الرياضيات. وعسي أن ينال هذا العمل المتواضع بعد الاستحسان منهم. وأهدي هذا العمل المتواضع إلى كل مهتم بالآثار الإيجابية للكومبيوتر في مجال التعليم، وإلى كل باحث يرتاد مجال الكومبيوتر التعليميInstructional Computer.