نحن الفلسطينيين بكل تأكيد لسنا مجتمعاً ” طوباوياً ” فبيننا ضعاف النفوس و العملاء لكن محتوى الكتاب سيصيب بالصدمة كل من يقرأه
فهو يتحدث عن ” العملاء العرب ” الذين عملوا مع الاحتلال و عصاباته و بينهم زعماء عشائر و مفتين و رجال دين و أئمة مساجد
لكن الواضح ان الهدف ” الصهيوني ” من نشر هذا الكتاب ليس ” التأريخ ” للتاريخ بل للذم بالشعب الفلسطيني و تحريف عدالة قضيته
و إظهاره بمظهر مجموعة من الرعاع الخونة
نعم كل الشعوب فيها خونة و متعاملين مع العدو فحذار التعميم على الشعب الفلسطيني و هو ما يهدف إليه الكاتب الصهيوني
تأليف: هليل كوهين
ترجمة: هالة العوري
بيسان للنشر والتوزيع. الطبعة الأولى 2015
” أيها العرب بيعوا كل شيء باستثناء الأرض, ولا تشتروا من اليهود إلا الأرض”
نجيب نصار \ صاحب جريدة الكرمل
“إن كل من يتساءل عن سبب ترجمة هذا الكتاب إلى العربية أقول له إن غض الطرف عن النقائض ليبقى الوضع المتقيح على حاله، دونما دراسة جادة معمقة لمعرفة الأسباب الموضوعية والاستراتيجية، سيجلب المآزق والهزائم المتتالية”
من مقدمة المترجمة السيدة هالة العوري.
إذا كنا نتفق بأن الماضي يبدأ من اليوم, فالتاريخ, ببساطة, ” كائن” مقيم بيننا, وهو, بلا ريب, ليس حكاية يراد منها التسلية, بل أن استحضار التاريخ, عبر أحداثه وشخصياته المؤثرة, كان ومازال أسلوباً فعّالاً في فهمنا للحاضر. وإذا كان التاريخ طريقنا نحو الماضي فهذا لا يعني بالضرورة أنه يتطابق معه, فالماضي حالة رخوة غير مستقرة وغير قابلة للاستعادة أو الاسترداد, ولكننا عبر دراسة التاريخ نستطيع تمثل هذا الماضي.
يمكن أن يكون ما سبق مدخلاً لاستعراض كتاب “جيش الظل: المتعاونون الفلسطينيون مع الصهيونية 1917-1948” الذي يتحدث عن تعاون الفلسطينيين مع الحركة الصهيونية, تعاونٌ يتساءل بشأنه الإسرائيلي بيني موريس من خلال ما يمكن أن نتعلّمه من هذا الكتاب. بكلام آخر, ماذا تمثّل “ظاهرة” تعاون الفلسطينيين مع الحركة الصهيونية؟ هل تعبّر عن فراغ بنيوي في قلب الشعور\ الحالة ” الوطنية الفلسطينية”؟. وهل يسمح لنا مثل هذا الفراغ أو الغياب القول- و الكلام دائماً لبيني موريس- بأنه لم يكن يوجد [يقصد في تلك الفترة التي يعالجها الكتاب] شعب فلسطيني أو حركة وطنية فلسطينية, (أم كان هناك مثل هذه الحركة لكنها لم تحظَ بدعم جماهيري؟), وأن العديد من العرب في فلسطين، إن لم يكن معظمهم، يضعون المصالح الشخصية والعائلية والقبلية على حساب المصالح الوطنية. أو بعبارة أخرى، كانت “الوطنية\ القومية” للعديد من السكان العرب في فلسطين مجرد وعي غائر يقع في مكان ما تحت طبقات وعيهم الحالي, وثمة الكثير من الأحداث التاريخية لم يتم توثيقها في سردية موحدة أو حتى غير موثقة في أي كتاب من كتب التاريخ سواء التي تبع طرق السرد التاريخي الحكائي أو تلك الطرق الأخرى غير التقليدية.
فهناك الكثير من الأحداث التي مازالت مجهولة وتنتظر من يفرج عنها وينبشها من أعماق الذاكرة, ولعل كتاب كوهين يعبّر, بطريقة ما, عن هذه الحالة, فمن الحقائق المزعجة التي يواجهها المؤرخون “الوطنيون” تلك الحقائق التي يتسبب في وجودها الاحتلال, وهي ذات طبيعة مزدوجة في التعامل مع المحتل فهو من جهة عدو من الواجب محاربته, ومن جهة أخرى صاحب السلطة العليا وبالتالي لابد من المرور عبره للوصول إلى فرص العمل والتعليم والصحة .. إلخ وغيرها من متطلبات المعيش اليومي, وقد شكّل التعاون مع المحتل معضلة كبيرة للقوى الوطنية التي ترغب في مقاومة هذا المحتل, فثمة أعداد كبيرة من المواطنين ممن سوف يخدمون في مؤسسات الاحتلال وممن سوف يساعدونه في بناء الطرق والجسور والسكك الحديدية والمعامل والبيوت والمستوطنات وغيرها من البنى والهياكل التي ينفذها المحتل لتسهيل سيطرته على البلاد حتى أن البعض منهم قد يتطوع في شرطة وجيش الاحتلال أو يصبح جزء من شبكة عملائه السريين في ملاحق الثوار.
ولا يعدّ التعاون مع العدو أو المحتل مسألة تخص شعب دون غيره, فالأمثلة على هذا التعاون تكاد تكون مطلقة, مثل تعاون شعوب الدول الأوروبية التي احتلتها ألمانيا النازية إبان الحرب العالمية الثانية, ولكي لا نبتعد عن المنطقة, يمكن أن نطرح تعاون العرب مع البريطانيين والفرنسيين ضد العثمانيين في أعقاب الحرب العالمية الأولى, ومن الواضح خلال تلك الفترة أن شعوب المشرق العربي لم تكن ولاءاتها واحدة فمازال الكثير منهم ينظر للقبيلة أو العشيرة كمعيار انتماء أقوى ومنافس للانتماء الإقليمي, ولعل هذا ما يفسر عدم وجود تعريف صارم موحّد للواء الوطني أو القومي, مما أتاح للأفراد اتخاذ مواقف تضع في أغلب الحالات المصالح الشخصية والقبلية فوق المصالح “الوطنية”, وبالتالي كان ثمة سهولة واضحة لديهم لدحض بعض التهم الموجّهة لهم مثل “خيانة القضية الوطنية”, فهذا الأمر بالنسبة لهم في تلك الفترة كان أمر افتراضي, ولذلك يستنتج هليل أن الانتداب البريطاني على فلسطين لم يكن ينتهك أي “سيادة عربية” نظراً لعدم وجودها بالأساس, فالعرب كانوا مجتمعاً واحداً ولكن ليس مجتمع وطني أو قومي بالمعنى الأوروبي, ولذلك كان الأفراد يتحركون في فضاءات بعيدة عن تعريف الولاء والخيانة, لاسيما التعريف الذي تبناه آل الحسيني والذي قام الحسينيون, وفقاً لكوهين, بتوسيعه حتى أن إحدى الصحف المناهضة لهم كتبت في العام 1927 “لو أردنا أن نحصي عدد الخونة في البلاد وفقاً لما تراه بعض الصحف[ أي الصحف الموالية لعائلة الحسيني], لكان العدد يفوق نصف عدد سكان البلاد”