كتاب صفحات من تاريخ مدينة الجزائر من أقدم العُصور إلى انتهاء العهد التركي نور الدين عبد القادر PDF

الحمد لله وحده وبعد. فهذه صفحات في تاريخ مدينة الجزائرمن
أقدم عصورها إلى انتهاء العهد التركي, وعاصمتنا بدأ شأنها يعظم من
أوائل القرن العاشر الهجري والسادس عشر الميلادي.
فسارت من ذلك الزمان سير التقدم والترقي إلى أن بلغت الدرجة
التي هي عليها الآن زاحفة إلى الأمام محروسة بعناية الله وحفظه.
وقد اجتهدنا في أن تكون هذه الصفحات مفيدة. فيها كفاية لمن يريد
الإلمام بتاريخها إلماما إجماليا له قيمته؛ ولم نهمل جانب الحضارة والثقافة
إنه هو الذي يهمنا بالخصوص ولهذا أفردنا له قسما وافراء
وكان اعتمادنا في شطر من هذه المجموعة على مخطوطة أعارها لنا
منذ سنوات صديق لنا وسميناها بتقابيد ابن المفتي كما سيأتي القول عنها
بالتفصيل؛ واعتمدنا عليها مع ما فيها من سقم في التعبير وهنات أخرى
وهي في غاية البساطة ونهاية السهولة من ناحية الإنشاء؛ ولعله يناسب هنا
ايراد تكتة وردت في ترجمة العربي الشهير محمد بن عمر الهواري دفين
وهران والمتوفي بها سنة 843ه في كتاب البستان لابن مريم الذي عاش
بمدينة تلمسان وفرغ من تأليف سنة 1011ه/1602م؛ ونشر هذا المجموع
من التراجم شيخنا المرحوم بن شنب بمدينة الجزائر سنة 1908م
6ه والشيخ الهواري قصد بتأليفه الذي سماه بالسهو والتنبيه جانب النصيحة والموعظة الحسنة وتهذيب الأخلاق فلم يعتن بإجادة الأسلوب
وزخرفة الألفاظ؛ وبلا شك لو كانت هذه التقاييد في عبارة فصيحة بليغة لكانت أجدى وأنفع ولكن على كل حال فالفائدة التي ننثدها وهي
معرفة تاريخ ماضي بلدنا الجزائر موجودة ولله الحمد. وناهيك بالموجود
عن المفقود؛ وقد قيل قديما: إن المعاني تحيي والألفاظ تلاشي.
قال في البستان مايلي: لما ألف الشيخ محمد الهواري السهو الذي
عمل عليه التنبيه أخذه الفقيه أبو زيد عيد الرحمان المعروف بالمقلش
(بتشديد اللام مع فتحها) فوزن فيه أشياء وأعرب فيه أشياء فأتى به الشيخ
وقال له ياسيدي إني أصلحت سهوك. فقال له الشيخ هذا السهو يقال له
سهو المقلش وأما سهوي فهو سهو الفقراء إنما ينظرون فيه إلى المعنى
ومن أين العربية والوزن لمحمد الهواري بل سهوي يبقى على ما هو عليه
آه قال ابراهيم التازي: إن هذا السهو جعله المؤلف للأولاد ولم يتعرض
فيه لوزن شعر ولا عربية اه وابراهيم التازي من تلاميذه.