كتاب قراءة في فكر الزيدية والمعتزلة عبد العزيز المقالح PDF

يطرح الباحث في ثنايا هذا الكتاب تصوره العام حول الفكر الزيدي باعتباره الفكر الديني والدنيوي الذي حكم جزءاً كبيراً من اليمين، ولعب دوراً رئيسياً في حياة اليمنيين منذ ألف عام، وقد تكون ذاك التصور لدى الباحث من خلال مراجعته للكتب الزيدية، بالإضافة إلى ذلك فقد تخلل الكتاب ما تكون لدى الباحث من حصيلة فكرية جارت نتيجة حوارات حول الموضوعات مرتبطة بالتراث الفكري الإسلامي لا سيما ما تكون فيه على أرض اليمن وتشكل مع معطيات واقعها الفريد، وقد اختار من تلك الحصيلة لهذا الكتاب فصولاً أربعة، الأول عن الزيدية، والثاني عن المعتزلة، والثالث عن الإسماعيلية، والرابع والأخير عن علمين من أعلام السلفية المتحررة في اليمن: المقبلي والشوكاني، وقد أشار الباحث في ثنايا الكتاب إلى أن هذه الدراسات التي يحتويها بين دفتيه لا تقصد إلى التاريخ، ولا تذهب إلى إثبات أو نفي شيء يتعلق بالأفكار المدروسة، وإنما هي دعوة إلى قراءة تراثنا بعقول جديدة وبقلوب لا ينفذ إليها التعصب.

منذ ثلاثين عاماً – على وجه التقريب ‏ كنت طالباً في مدينة حجة أقضي عشر
ساعات في اليوم متنقلا بين حلقات الدرس في صحن جامع حورة الكبير وبين الغرف
الصغيرة الشبيهة بزنازن المحكوم عليهم والتابعة للجامع المذكور . كنت يومئذ اضع
قدمي على أبواب مذينة العلم » وكان الجامع يسمى في أوقات الصلاة « مسجدا » وف
أوقات الدرس « مدرسة علمية » ولم يكن الأساتذة الشيوخ يستخدمون من وسائل
الايضاح سوى أصواتهم العالية . وكانوا على معرفة عميقة بأصول الدين وأحكام
الشريعة . وعلى معرفة محدودة بالنحو والصرف واللغة وما يتعلق بها وبالأدب من فنون
البلاغة والبيان +
كان الكتاب المقرر هو « شرح الأزهار » أحد الكتب الزيدية الموسوعة الجامعة
لمذاهب علاء الأمصار » والذي جمع آراء فقهاء الزيدية وقارنه بآراء فقهاء بقية المذاهب
الاسلامية . وكان استاذنا الشيخ عالما جليلا وصل في علمه الى درجة « التسئن » وكان
التسنن يومئذ اشارة النضج وعلامة الاجتهاد . وعندما كان بردد كلمة « مذهب » وهي
ترد في ثنايا الكتاب أكثر من مرة في الصفحة الواحدة ؛ كان يطلق الكلمة بصوت عال
ثم يتلفت بمينا وشمالا ثم يقول بصوت خفيض « مذهبهم » يعني مذهب الزيدية . وقد
شجعنا هذا التصرف على الثورة منذ وقت مبكز على الزيدية ودفعنا الى تقليد الكبار في
التسنن بالرغم من استتكارهم ونصائحهم الغالية بهجر التفليد .