كتاب نظرية الفوضى الخلاقة في فكر المحافظين الجدد لإعادة تشكيل النظام الإقليمي العربي سالم مطر السبعاوي PDF

لطالما كان للحكومات الأميركية – بصرف النظر عن طبيعة الإدارة التي تحكم –
وهي تمارس سياساتها واستراتيجياتها في شتى بقاع العالم. ولع باختراع التسميات الرمزية
وابتداع العناوين الدلالية. ذات الإيحاء السياسي الشديد والوقع السيكولوجي المؤثر. على
أي عملية أو ممارسة تقوم بها حيال بلدان العالم الآخرء سواء أكانت لأغراض المساعدة
(الإنسانية) أو لأسباب تتعلق بحروبها العسكرية والأيديولوجية؛ إذ لا تخلو واقعة سياسية
كانت أم اقتصادية أم عسكرية أم أيديولوجية. من دون أن يكون لها اسم خاص تعرف به
أو نعت مميز تنسب إليه.

بيد إن ما يميز الحالة هنا ويمنحها سمة الخروج عن المألوف» ليس في كون
الحكومات الأميركية المتعاقبة رفعتها إلى مصاف المبدأ الواجب الإتّباع من لدن المسؤولين
وصناع القرار. فضلاً عن اعتباراها من لوازم الأمن القومي الأمريكي فحسب. إنما في الطريقة
المختارة والأسلوب المتبع لوضعها موضع التنفيذ.

ويأتي تعبير “الفوضى الخلاقة” كعينة ملموسة ومعاشة لمقاربة هذا الأسلوب في
التعاطي السياسي مع الأحداث. وذلك بإحالتها إلى صيغة مسالمة منزوعة السلاح مقبولة
ومستساغة. لها من جاذبية التسمية وقوة الإيحاء. ما يجعلها أداة فعّالة لتسويق
السياسات وتبرير التصرفات من جهة. وإشاعة الانطباع لدى الرأي العام الداخلي والخارجي»
بأن مرحلة “الفوضى” الناجمة عن التدخل العسكري. أو عن طريق إثارة المشاكل الداخلية
من خلال طرح المبادرات والمشاريع وغيرها من الأساليب التي تتبعها الإدارات الأمريكية».
سيعقبها طور مغاير من التغييرات “الخلاقة” والتحولات (البناءة).